الجمعة، 27 يناير 2012

والدا النبي صلى الله عليه وسلم -رضي الله عنهما-


- الكلام عن والدي رسول الله صلى الله عليه وسلم... يؤذي حضرة سيد الوجود مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنكر عظيم أن يؤذى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم.
- فالأدب الإسلامي أن لا يُذكر أهله صلى الله عليه وسلم الذين ماتوا على الكفر ذِكرًا لا يليق بقرابته صلى الله عليه وسلم، فكيف بأبويه الكريمين العظيمين؟!
- إن غضبه صلى الله عليه وسلم لا بد أن يكون عظيما على من يشير أيَّ إشارة إلى إهانة حَضْرَتَيْ هذين الوالدين العزيزين اللذين أكرمهما الله إكرامًا لا يضاهى بإكرام بإبراز سيّد الوجود وصفوة الخلق صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن فاعل ذلك إنّما تسبّب في لعن نفسه وطردها من رحمة الله، فإن ربنا يقول في كتابه: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) (الأحزاب:57).

- إنهما [أي والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم] ماتا في فترة لم يكن فيها رسول الله ينذر أهلها، ويعلمهم ما هو الواجب نحو ربهم، ولا نحو بعضهم بعضا، وطال عليهم الأمد، وهم بتلك الحالة، فإنهم من عهد سيدنا إسماعيل ابن سيدنا إبراهيم الخليل عليهما السلام لم يرسل إليهم رسول. وإذن هما معذوران عند ربهما، كسائر العرب الذين كانوا في تلك الفترة.

-وأحب أن تطيل النظر في قوله تعالى: (يّس (1) وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5) لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آَبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ(6)) (يّس)، ألا ترى قوله تعالى: (لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ) (يّـس:6) يعتذر عن غفلتهم وبعدهم عن الواجب لمولاهم أصولا وفروعا، بأن آباءهم لم يأتهم نذير بإنذاره، فيعلموا أن لخالقهم عليهم حقوقا يجب أن تراعى في باطنهم وظاهرهم، فلما كان آباؤهم هكذا نشأوا على ما كان عليه آباؤهم من ترك الواجبات.
- ويصرّح بنفي العذاب عن أولئك العرب –أهل تلك الفترة- قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (الإسراء: من الآية15). وأبواه صلى الله عليه وسلم ككل معاصريهما لم يكن في زمنهم شرائع غير مبدلة، ولا كان رسول، بل بعث صلى الله عليه وسلم بشريعته بعد موتهما بزمن طويل. وإذن هما ناجيان لا يعذّبهما الله تعالى، كإخوانهم أهل هذه الفترة.

- وقد روى الطبراني بسنده عن أم المؤمنين عائشة الصديقية رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل الحجون حزيناً أقام به ما شاء الله، ثم رجع مسروراً قال:" سألت ربي عز وجل فأحيا لي أمي فآمنت بي ثم ردَّها " وروي عنها أيضا إحياء أبويه صلى الله عليه وسلم حتى آمنا به.
- وبعد، فإن الله تعالى جعل نبيّه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، ولقد كان والله رحمة حتى لعمّيه أبي طالب وأبي لهب اللّذين رأياه بأعينهما وسمعا دعوته بأذنيهما وصمما على الكفر به حتى ماتا!

هناك 5 تعليقات:

  1. لم يصح حديث في أن الله تعالى أحيا أبوي النبي صلى الله عليه وسلم وأنهما آمنا به ثم ماتا ، بل الأحاديث الصحيحة الثابتة تدل على أنهما ماتا على الكفر ، وأنهما من أهل النار .

    فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه وسلم : ( اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي ، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي ) رواه مسلم (976) .

    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيْنَ أَبِي ؟ قَالَ : فِي النَّارِ . فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ . رواه مسلم (203) .

    ومما يدل على عدم صحة هذه الأحاديث : أن هذا الأمر لو وقع لاشتهر وانتشر ، لأنه يكون آية عظيمة من آيات الله تعالى ، فتتوفر الدواعي على نقلها .

    وقد حكم أئمة العلم المحققون على هذه الأحاديث الواردة بأنها موضوعة مكذوبة .

    ردحذف
  2. عن عائشة رضي الله عنها قالت : حجَّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فمرَّ بي على عقبة الحجون وهو باكٍ حزين مغتم ، فبكيتُ لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم إنه نزل فقال : يا حميراء استمسكي ، فاستند إلى البعير فمكث عني طويلاً ، ثم إنه عاد إليَّ وهو فرح مبتسم ، فقلت له : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، نزلت من عندي وأنت حزين مغتم فبكيت لبكائك ، ثم إنك عدت إليّ وأنت فرح مبتسم ، فعَمَ ذا يا رسول الله ؟ فقال : ذهبت لقبر أمي آمنة فسألت الله أن يحييها فأحياها ، فآمنت بي وردها الله عز وجل .

    رواه ابن شاهين في " الناسخ والمنسوخ " والخطيب البغدادي في " السابق اللاحق " – كما قال السيوطي في " الحاوي " ( 2 / 440 ) - .

    قال ابن الجوزي :

    " هذا حديث موضوع بلا شك ، والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم ، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافراً لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة ، لا ؛ بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع ، ويكفي رد هذا الحديث قوله تعالى : ( فيمت وهو كافر ) وقوله في الصحيح : ( استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي ) وقد كان أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك ، قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر : هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون " انتهى .

    "الموضوعات" (1/283) .

    الحجون : موضع بمكة .

    ردحذف
  3. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله :

    " وأما الحديث الذي ذكره السهيلي وذكر أن في إسناده مجهولين إلى أبي الزناد عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يحيي أبويه ، فأحياهما وآمنا به : إنه حديث منكر جدّاً ، وإن كان ممكناً بالنظر إلى قدرة الله تعالى ، لكن الذي ثبت في الصحيح يعارضه " انتهى .

    "البداية " (2/261) .

    وقال ملا علي القاري عن هذا الحديث :

    " موضوع ، كما قال ابن دحية ، وقد وضعت في هذه المسألة رسالة مستقلة " انتهى .

    "الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة" (ص 83) .

    ردحذف
  4. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : هل صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن الله تبارك وتعالى أحيا له أبويه حتى أسلما على يديه ثم ماتا بعد ذلك ؟

    فأجاب :

    " لم يصح ذلك عن أحد من أهل الحديث ; بل أهل المعرفة متفقون على أن ذلك كذب مختلق ، وإن كان قد روى في ذلك أبو بكر - يعني الخطيب - في كتابه "السابق واللاحق" وذكره أبو القاسم السهيلي في "شرح السيرة" بإسناد فيه مجاهيل ، وذكره أبو عبد الله القرطبي في "التذكرة" وأمثال هذه المواضع ، فلا نزاع بين أهل المعرفة أنه من أظهر الموضوعات كذباً ، كما نص عليه أهل العلم ، وليس ذلك في الكتب المعتمدة في الحديث ; لا في الصحيح ولا في السنن ولا في المسانيد ونحو ذلك من كتب الحديث المعروفة ، ولا ذكره أهل كتب المغازي والتفسير ، وإن كانوا قد يروون الضعيف مع الصحيح ، لأن ظهور كذب ذلك لا يخفى على متدين ، فإن مثل هذا لو وقع لكان مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله ، فإنه من أعظم الأمور خرقا للعادة من وجهين : من جهة إحياء الموتى ، ومن جهة الإيمان بعد الموت . فكان نقل مثل هذا أولى من نقل غيره ، فلما لم يروه أحد من الثقات عُلِم أنه كذب .

    ثم هذا خلاف الكتاب والسنة الصحيحة والإجماع . قال الله تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ) وقال : ( وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار ) . فبين الله تعالى : أنه لا توبة لمن مات كافراً . وقال تعالى : ( فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون ) فأخبر أن سنته في عباده أنه لا ينفع الإيمان بعد رؤية البأس ; فكيف بعد الموت ؟ ونحو ذلك من النصوص . . . " انتهى باختصار .

    "مجموع الفتاوى" (4/325) .

    ردحذف
  5. وبعض أهل التصوف لم يستطع تصحيح هذه الأحاديث وفق القواعد الحديثية فصححها بالكشف !

    يقول البيجوري :

    " ولعل هذا الحديث - حديث إحياء والدي النبي صلى الله عليه وسلم وإيمانهما ثم موتهما- صح عند أهل الحقيقة بطريق الكشف " انتهى .

    "جوهرة التوحيد" (ص 30) .

    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله رادّاً على مثل هذا :

    " وعامة هؤلاء إذا خوطبوا ببيان فساد قولهم قالوا من جنس قول النصارى : هذا أمر فوق العقل ! ويقول بعضهم : يثبت عندنا في الكشف ما يناقض صريح العقل " انتهى باختصار .

    "الجواب الصحيح" (2/92) .

    ردحذف