الجمعة، 27 يناير 2012

الهاشمي صلى الله عليه وسلم


- خرج صلى الله عليه وسلم مرة ومعه ثمانية دراهم، ليبتاع بها قميصا، فيذكر أنه لقي جارية لقوم من اليهود بعثوها بدرهمين، لتبتاع لهم مرفقاً، فضاعت منها، فأبطأت عليهم يومها، فلقيها في روعتها فسألها عن شأنها، فأنبأته بخبرها، فدفع لها درهمين، فبقيت على حال روعها فسألها عن ذلك، فذكرت خوفها من عقوبتهم. فمشى إليهم -صلى الله عليه وسلم- شفيعا لهم فِيها، فلما وصل إلى دار ا...ليهودي وعرفه، قال: أبا القاسم. قال: نعم. قال: فيما جئت؟ قال: لأشفع لك في هذه السوداء. قال: يا أبا القاسم، هي حرَّة، وأنا أشهد أنك رسول الله. فأسلم هو وأهل بيته.
ثم عاد -صلى الله عليه وسلم- إلى السوق فوجد عاريا، فابتاع له قميصا بأربعة دراهم، وابتاع لنفسه قميصا بدرهمين، قال صلى الله عليه وسلم:
"ما كان أبركها من ثمانية دراهم، أمَّنت خائفا. وأعتقت عبدًا، وأسلم عليها بيته، وكست عاريين".
- وأنفق صلى الله عليه وسلم المال إنفاقا لم ينفقه أحد قبله ولا بعده! حتى قيل: إن محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفقر!
فعاين أصحابه ما كانت الشعراء تغلوا به في أشعارها من قولهم: إن أنامل الكريم تغني عن السّحب! فكان ما أوغل به الشعراء في المدح مما لا يظنون أن يكون كائنا عن عادته صلى الله عليه وسلم، ولا يكاد يمرُّ له وقت إلا ويصرفه فيه الإنفاق تصرف برٍّ وإيثارٍ لا ينفق من دوامه، فكان أحقَّ هاشميّ باسم (الهاشمي) بما أعلى الله خليقة هاشم، في أمر إنفاقه وبرّه وإيتائه المال على حُبِّه ومحبَّته في بذله وفي الأخذ منه وفي أكل طعامه، فكان هو –صلى الله عليه وسلم- من الهاشمية في الغاية القصوى، حتى أنبأ سرُّ إنفاقه أن وجود كلِّ شيء من وجوده، ونور كل شيء من نوره.
- فهو هاشمي الله، الذي انتهت الهاشمية التي هي علم اسم الإنفاق إليه -صلى الله عليه وسلم-.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق