السبت، 17 ديسمبر 2011

مولانا جلال الدين الرومي: في الذكرى 738 لرحيله

ولد جلال الدين الرومي في 6 ربيع الأول سنة 604 هـ (1207م)في (بلخ) من أعمال (أفغانستان) وكان والده (محمد) الملقب (بهاء الدين ولد) من كبار علماء بلاده ومشايخ عصره، وقد لُقِّب بسلطان العلماء، ينتهي نسبه إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه، عُرف بالرومي لأنه قضى معظم حياته لدى سلاجقة الروم في تركيا الحالية.
وحسد علماء عصره والده وأوغروا صدر السلطان عليه فخرج من بلاده وأقام في مدن كثيرة وكان فيها موضع حفاوة وإجلال إلى أن استقر في (قونية) إحدى مدن تركيا ولقي حفاوة وبالغ إكرام من سلطانها.
تبحر في العلم واستمر في التدريس والوعظ والإرشاد على نمط والده العظيم، ثم سافر إلى حلب ببلاد الشام ومكث في المدرسة (الحلاوية) واستفاد من علمائها وأقروا له بالنبوغ والاطلاع الواسع.
ومنها إلى دمشق وكان له مجالس مع الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي رحمه الله وباقي شيوخها.
ثم رجع إلى قونية في سنة 634هـ وعكف على التدريس والإفتاء، وأصبح ملجأ العلماء والفضلاء الذين هربوا من فتنة التتر.
ثم التقى بالشيخ محمد بن علي بن ملك داد المعروف بشمس الدين التبريزي، وتربى على يديه خاصة بعدما سمع منه قولته:"إن العلم إن لم يُجرِّدك من نفسك فالجهل خير منه".
وبقي معه يرتشف من معينه الحقائق والأذواق، ويرتقي في مراتب السلوك والقرب من الله تعالى... وخضع لشيخه خضوعا كاملا، وانصرف إليه انصرافا كليا.
كان جلال الدين مسلما مؤمناً بتعاليم الإسلام السمحة لكنه استطاع جذب أشخاص من ديانات وملل أخرى وذلك بسبب تفكيره المرن المتسامح. كما كان يدعو إلى التعليل الإيجابي، الخير والإحسان وإدراك الأمور عن طريق المحبة.
ولم يزل مشغولا ببيان الحقائق والمعارف حتى فاضت روحه عند غروب الشمس، لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة 672هـ (17 دجنبر 1273م).
ولما خرجت جنازته ازدحم عليها أهل البلد ازدحاما كبيرا وشيعها أتباع كل ديانة وهم يبكون، وسميت الليلة التي شيعت فيها جنازته بالعرس ومازالوا يحتفلون بهده الليلة إلى الآن.. وقال قساوسة ورهبان عصره عند وفاته:"به عرفنا حقيقة الأنبياء السابقين، وفيه رأينا سيرة الأولياء الكاملين".
كان رحمه الله كثير الاستغراق في الصلاة، شديد الرياضة والمجاهدة، كثير التعبد، ذاكرا زاهدا متقللا قنوعا، عظيم السخاء، كثير البذل والإيثار، كثير الحرص على الحلال، قوي العاطفة، وجدانيا ملتهب الروح، ولوع القلب، صاحب استعداد كبير، ومواهب عظيمة، يكره البطالة، زاهدا في لقاء الأمراء والسلاطين.
من مؤلفاته:
-الرباعيات، -ديوان الغزل، -مجلدات المثنوي الستة، -المحاضر أو الخطب، -الرسائل والمواعظ الستة الشبه مفقودة. ومن أهم مؤلفاته: “الديوان الكبير” أو “ديوان شمس التبريزي”، و“المجالس السبعة” وغيرها.
وتنسب إليه الطريقة الصوفية المعروفة "الطريقة المولاوية" بتركيا.
من أقواله في العشق والحب:
-"من ذا الذي قال إن شمس الروح قد ماتت؟ ومن ذا الذي تجرأ على القول بأن شمس الأمل قد تولت ؟ ما هذا إلا عدوا للشمس وقف تحت سقف وعصب عينيه ثم صاح : هاهي الشمس تموت".
- "ما كان ذلك الخفاش عدواً للشمس ، لكنه في حجابه عدو نفسه ، فإشراق الشمس هو الذي يقتله . ولكن ، هل كانت الشمس تتحمل منه قط عناء ؟"
-"المحبة يعني أن تميل بكلك إلى المحبوب، ثم تؤثره على نفسك وروحك ومالك ثم توافقه سراً وجهراً ثم تعترف بتقصيرك في حبه".
-" ومهما كان القلم مسرعًا في الكتابة، فإنّه عندما وصل إلى العشق تحطّم وصار بددًا".
-" أيها العشق المرتبط بالجذبة الإلهية.
لتسعد فإنك الطبيب
الذي يعالج كل عللنا وأمراضنا ونفوسنا..
وأدران بشريتنا
..أيها العشق..
أنت الدواء والطبيب ...أنت".
-" لا رفيقَ سوى العشقِ.
طريقُ، دونَ بدءٍ أو نهاية.
يدعو الرفيقُ هناكَ:
ما الذي يُمهلُكَ حينَ تكونُ الحياةُ مَحفوفةً بالمخاطرِ".
-" تجلَّ بوجهك، أيها الحبيب، فإن مناي الحديقة وبستان الورد
وافتح شفتيك، فإن مناي الشهد الكثير
أيتها الشمس، أميطي عن وجهك نقابَ السحاب
إن أملي تلك الطلعة المشرقة الوضَّاءة
أيتها النسائم العبقة التي تهبُّ من بستان الحبيب، مرِّي عليَّ، فإني مؤمل بشارة الريحان
والله ما المدينة من دونك إلا سجن لنفسي! فليس لي أمل سوى الحيرة بالجبال والصحارى
إن أملي أن أودِّع كلَّ كون وكلَّ مكان متجهًا صوب الحقيقة، نحو الحبيب
أيها الحبيب، إني لم أرَ طربًا في الكونين من دونك
يا مَن أنت اللبن والسكَّر
يا مَن أنت الشمس والقمر، يا مَن أنت الأم والأب، لم أرَ نَسَبًا سواك
ولا أريد نَسَبًا سواك
أيها العشق الذي لا يزول، أيها المطرب الإلهي، إنك أنت الملجأ والظهير
وما رأيت لقبًا يفيك حقَّك
نحن قِطَعٌ من الفولاذ، أما عشقك فمغناطيس
وأنت الأصل في كلِّ طلب يجذبنا إليك، وليس ذلك في نفوسنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق