السبت، 16 يوليو 2011

نوادر 1

1
قال عبد الله بن مروان: لما زال ملكنا وملكت بنو العبّاس هربتُ إلى أرض "النوبة" مع جماعة من أصحابي، فسمع بي ملك "النوبة" فجاءني إلى المكان الذي أنا فيه، فجلس على الأرض، ولم يجلس على فراشي، فقلت له: هلاَّ تقعد على ثيابنا أيها الملك؟ فإنه لم يُعْتد لك هنا فراش.
-فقال: لا -قلت: ولم؟ -قال: لأني ملك، وحق على الملك أن يتواضع إذا رفعه الله، ثم قال: لم تشربون الخمور وهي محرمة عليكم، ولم تطؤون الزرع بدوابكم، وهي محرمة عليكم؟! ولم تلبسون الحرير، وقد نهيتم عنه على لسان نبيكم؟
قال عبد الله: فقلت: إنا لمَّا قلت أنصارنا استعنا بقوم عجم، دخلوا في ديننا ففعلوا ما ذكر الملك، على غرَّة منا!
- قال: فأطرق الملك ساعة، ثم رفع رأسه، وقال: ليس الأمر على ما ذكرت. بل أنتم قوم استحللتم ما حرَّم الله عليكم، وضللتم إذ ملكتم، فسلبكم الله العزة بذنوبكم، ونِقمةُ الله فيكم لم تبلغ مداها، ولا وصلت غاياتها، وأنا أخاف أن يحل عليكم عذاب الله وأنتم في أرضي، فيصيبني معكم، وإن الضيافة ثلاثة أيام، فتزوَّدوا فيها ما شئتم، وارتحلوا عنِّي، فوالله لا أقمتم عندي.

2
 
لما استخلف عمر بن عبد العزيز قدم عليه وفد أهل الحجاز، فأشار منهم غلام للكلام، فقال عمر: يا غلام، يتكلم من هو أسَنُّ منك!
فقال: يا أمير المؤمنين، إن المرء بأصغريه: قلبه ولسانه، فإذا منح الله تعالى عبده لسانا لافظا، وقلبا حافظا،  فقد أجاد له الاختيار، ولو أن الأمور بالسّن لكان في الناس من هو أحق منك بمجلسك.
- فقال عمر: صدقت، تكلَّم، فهذا هو السحر الحلال.
- فقال: يا أمير المؤمنين، نحن وفد التهنئة، لا وفد التعزية، فلم يُقْدِمْنَا عليك لا رغبة ولا رهبة، لأنا قد أمنَّا في أيامك، وأدركنا ما أملنا.
- فسأل عمر عن سن الغلام، فقالوا: عشر سنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق